الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بقلم محمد المنصف بن مراد: هذا الدين ليس الاسلام!

نشر في  30 سبتمبر 2015  (11:14)

في تونس وبعد تغيير النّظام أتى حزب ديني (النهضة) واعتبر انّ مهمّته الأساسيّة هي أسلمة المواطنين والمواطنات والدولة والمجتمع! ولقد كانت عقيدته ومازالت بعيدة كلّ البعد عن اسلام الزيتونة الوسطي المحترم نسبيا لحرية الفكر والابداع والتعايش بين الديانات.. ونظرا لفراغ الساحة السياسيّة ونشاط مناضليه وامكاناته المادّية الضخمة نجح هذا الحزب في الانتخابات لأنّ عددا من التونسيين ملّوا الفساد والمحسوبيّة و«العدالة العبيدة» وفقدان الهوية وتكبيل الاعلام، لكن مشروع النهضة كان ومازال بعيدا كلّ البعد عن هذه الأحلام! وكلّنا نتذكر ما صرّح به الاستاذ عبد الفتاح مورو أمام وجدي غنيم عندما أكّد ان مشروع حزبه هو السيطرة على فكر الشّباب عبر التعليم، وكان الأستاذ راشد الغنوشي صرّح سنة 2012 انّ الدولة والأمن والشرطة مازالوا غير موالين لحزبه سنة 2012.. ثمّ شاهدنا حزبا ليست له أيّة علاقة بتاريخ تونس وهويّتها يتظاهر للحدّ من حرية الرأي والتعبير وينظم اجتماعات يدعو فيها الى محاربة «الكفّار» ،ثمّ انتشرت الأسلحة وتمركز الارهابيون وتمّ اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبرز أمن مواز وخضعت الإدارة للمصالح الحزبيّة وفتح رياض أطفال تغسل عقول الأطفال.. وأمّا الكارثة الكبرى فهي انّ النهضة لم تكن حزبا سياسيا فقط بل كانت حركة تدعو الى إسلام متشدّد، وقد استمعنا لبعض الخطباء في المساجد يثيرون الفتنة ويحرّضون على محاربة العلمانيين وإن كانوا مسلمين.. وما لم تغير هذه الحركة فكرها وأهدافها ومنهجها فلن تفلح في اقناع العقلاء والوطنيين في هذه البلاد.. ورغم تصريحات السيد راشد الغنوشي التي يحاول من خلالها طمأنة الناس باعتماد لهجة معتدلة فانّ أي برنامج ديني ولو كان تدريجيا سيجد معارضته من أغلبية الشعب التونسي وخاصّة من نسائه ومثقّفيه والطبقة الوسطى ورجال الأعمال والنّقابيين.. انّه لن يكتب لأيّة حركة سياسية دينية ان تنجح في الفوز بالأغلبيّة، وحتى في صورة انقسام حزب نداء تونس الى حزبين أحدهما مساند للنهضة طمعا في المناصب والدّفاع عن المصالح!

رغم تغيّر لهجة الأستاذ راشد الغنوشي فانّ الوطنيين والمثقّفين والنساء لم يستسيغوا دفاع قيادة هذا الحزب عن أيمّة متشدّدين دعوا الى الفتنة والجهاد في سوريا وطالبوا بمحاربة المثقّفين ورفضوا حقوق المرأة! هل يعقل ان تدافع النهضة عن أيمة كلامهم كلّه تهديد ووعيد وتأجيج لنيران الفتنة والجهاد في سوريا على غرار الجوادي والخادمي وغيرهما! كيف يمكن للنّهضة ان تعتبر هذه الفئة من الأيمّة معتدلين وهم الذين حرّضوا على العنف والكراهية؟! كيف يمكن اقناع التونسيين بوسطية النهضة وهي تستميت في الدّفاع عنهم وتحاول ـ جاهدة ـ مساعدتهم على الحفاظ على مراكزهم في المساجد؟ هل هذا هو الاسلام التونسي؟ هل هذا هو الاسلام الوسطي، أم انّ هؤلاء الأيمة مخزون سيتمّ توظيفه خلال الانتخابات؟! انّ التونسيين ـ وباستثناء البعض ـ يرفضون هذا الدين، أي دينا دمويّا متسلّطا يدعو الى حرب أهلية والى المشانق السياسيّة! فهل هذا هو الاعتدال؟!
وهل ننسى مواقف هؤلاء الأيمّة وقادة هذا الحزب عندما نادوا للجهاد في سوريا وساندوا مؤتمر «أصدقاء سوريا» وسمحوا للشّباب التونسي المغرّر به بالتوجّه لبلاد الشام وقتل الأبرياء والتدرّب على استعمال «الكلاشينكوف»، في انتظار العودة الى بلادنا العزيزة لا قدر الله.. فلماذا التبعية لقطر والقرضاوي والجمعية العالميّة للمسلمين التي تحيك المؤامرات لفرض عقيدة متشدّدة فضلا عن مساندتها المطلقة ازاء الحروب بين المسلمين؟
لقد لعبت النهضة و المرزوقي وبن جعفر دورا أساسيا في تسفير الشباب للمحاربة في سوريا الى جانب الارهابيين والقاعدة وداعش، مع العلم انّ عودة الارهابيين إلى تونس وما لم تتعامل معها أجهزة الدولة بحزم وجدّية، ستكون أشبه بإعصار مدمّر.

أقولها بكل صراحة، ما دامت النهضة حزبا دينيّا سياسيا ، وما دامت تتماهى مع الاستراتيجية العالميّة للاخوان  فلن تنجح ولن تقنع لأنّ اسلام الزيتونة لم يدع يوما الى الاقتتال ولا إلى محاربة العقل ولا الى  دولة اسلاميّة تقوم على ثلاثية التشدّد والعنف والمصالح!
لقد ذكرتها مرارا وها انّي أقولها مرّة أخرى: على النهضة أن تقطع مع الحركة الاسلاميّة العالميّة، ومع برنامجها الشّمولي ومع رغبتها في إحكام قبضتها على دواليب الدولة وأجهزتها، كما عليها القطع مع خطابها الدّيني المتشدّد وهي مطالبة بتونسة هويتها وترك الدين للأيمة، يومها ـ فقط ـ ستصبح حزبا تونسيا 100  ٪.